الفاتيكان ـ أكد رئيس مجلس الأساقفة الإيطاليين، الكاردينال ماتّيو ماريا تزوپّي، أن الكراهية لا يمكنها أن تبرر أبداً العنف ضد الأشخاص الأبرياء.
ووفقا لما نشرته إذاعة الفاتيكان الثلاثاء، فقد افتتح الكاردينال تزوپّي يوم أمس، أعمال الجمعية العامة غير العادية الـ78 للأساقفة الإيطاليين، المنعقدة في مدينة أسيزي لغاية الخميس المقبل، وألقى مداخلة تطرق فيها إلى قضية السلام، مؤكدا أنه “لا يتحقق بواسطة السلاح”.
وقال الكاردينال إن فكره “يتوجه نحو أوكرانيا وإقليم ناغورنو كاراباخ، حيث يواجه الحضور المسيحي القديم خطر الزوال”، كما أطلق نداء “لأجل الإفراج عن الرهائن المحتجزين لدى حركة (حماس)”، داعيا إلى “وقف العنف ضد المدنيين في غزة ومنددا بمعاداة السامية”.
وذكر تزوپّي أن “السلام يحتاج إلى إسهام الجميع”، لافتا إلى أن “الحوار قادر على إرساء أسس السلام، مع التأكيد على أن مصيرنا هو السلام، لا الحروب أو الظلم”، وسلط الضوء على “قضية السلام، خصوصا في وقت تهيمن فيه الحروب على الساحة الدولية، وما تحمل معها من موت ودمار وعنف وأعمال همجية وتهجير”.
واعتبر المسؤول الفاتيكاني، أن “هذه الصراعات المسلحة الدائرة اليوم حول العالم، يمكن في الواقع وصفها بالحرب العالمية الثالثة المجزّأة والتي تحدث عنها البابا فرنسيس في أكثر من مناسبة”. وقال إن “المسألة ليست مجرد نظرة تشاؤمية، بل هي واقعية وتنبع من حس المسؤولية”.
وأضاف أن “السلام هو اليوم الشغل الشاغل لأن الحرب تولّد كل الشرور وتبثّ في كل مكان سمومها، وهي سموم العنف والحقد، التي لا تدخر أحداً، وتنشر الموت في مختلف أنحاء العالم”. في الوقت نفسه أكد نيافته أن “السلام لا يمكن أن يتحقق بمعزل عن الأمن، وهذا الأمن لا يمكن ضمانه من خلال الأسلحة فقط”، مشيرا في هذا السياق إلى واجب السياسة المدعوة إلى التفكير بأدوات متقاسمة على الصعيد الدولي من أجل حل الصراعات”.
ثم لفت رئيس مجلس أساقفة إيطاليا إلى “ضرورة أن تكون الأقوال مقرونة بالأفعال، تماما كما فعل البابا فرنسيس فيما يتعلق بأوكرانيا الجريحة، عندما عبر عن استعداده لفعل كل شيء من أجل تحقيق السلام وتوفير المساعدة الإنسانية، ولهذا السبب قام بإرسالي بصفة موفده الخاص إلى كل من كييف وموسكو، بحثاً عن مخرج لهذه الأزمة”.
وعن هذا الموضوع، قال نيافته إنه “تحدثت إلى القادة السياسيين وزرت المناطق المتضررة، ورفعت الصلاة على نية السلام من عدد من المزارات التي تكتسب أهمية بالنسبة للمؤمنين الأوكرانيين والروس على حد سواء”.
بعدها تطرق الكاردينال الإيطالي إلى “الأوضاع الراهنة في إقليم ناغورنو كاراباخ”، مذكرا بأن “القوات الأذرية قامت باحتلال تلك الأرض الحبيسة الأرمنية في أيلول/سبتمبر الماضي”، وأشار إلى أن “الأرمن هجروا أرضهم بشكل مأساوي مرة أخرى، وبصورة تعيد إلى الأذهان ما حصل لأجدادهم في القرن الماضي”، لافتا في هذا السياق إلى أن “ما يجري في المنطقة يهدد اليوم بزوال عالم مسيحي صغير قديم العهد”. ودعا إلى “عدم الوقوف غير مبالين أمام ما يجري، وإننا نستشعر بالآلام الكبيرة وبغياب أي حلول تفاوضية”.
ولم تخل مداخلة الكاردينال من الإشارة إلى “الأوضاع الخطيرة الراهنة في منطقة الشرق الأوسط”، متوقفا عند “الهجوم الإرهابي الذي شنه مقاتلو حماس ضد إسرائيل في السابع من الشهر الفائت، والذي حصد أعدادا كبيرة من الضحايا”، وقال إنه يتذكر أيضاً “العديد من الرهائن المحتجزين لدى حركة (حماس) في قطاع قطاع غزّة”، معربا عن قلقه “على مصير هؤلاء”، وداعياً إلى “الإفراج عنهم كي يعودوا إلى عائلاتهم”.
بعدها ذكّر بأن “هذا الهجوم استدعى ردة فعل عسكرية من قبل إسرائيل ضد حماس في القطاع، ما أدى إلى سقوط أعداد هائلة من الضحايا الأبرياء وسط المدنيين، بينهم كثير من الأطفال”. وقال نيافته إن “الدموع هي إياها”، مشيرا إلى أن “مقتل كل إنسان يشكل هزيمة للعالم كله”، ومؤكدا أن الكراهية لا يمكنها أن تبرر أبداً العنف ضد الأشخاص الأبرياء”.
في الختام ندد الكاردينال تزوپّي “بانتشار معادة السامية في العالم”، وقال: “ليدرك أخوتنا اليهود الإيطاليون أن الكنيسة قريبة منهم وتعتبر أن أي هجوم يتعرضون له، حتى لو كان لفظياً فقط، هو بمثابة اعتداء عليها وفعلٌ من التجديف”.