روما ـ بعد أن أعلن وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، بشكل مفاجئ (الخميس) أن العمليات القتالية للجيش السوري في حلب قد توقفت، قالت مصادر دبلوماسية أوربية مُطّلعة على مباحثات الأخير مع نظيره الأمريكي جون كيري، لوكالة (آكي) الإيطالية للأنباء إن روسيا تخشى مما تعتقد أن أكثر من عشرين ألف مقاتل موالين لإيران سيسيطرون على المدينة فور خروج مقاتلي المعارضة منها.
وكان لافروف قد أعلن عقب لقائه مع نظيره الأمريكي جون كيري “أستطيع أن أبلغكم بأن العمليات القتالية للجيش السوري شرق حلب توقفت”، وهو ما أكّدته راصد تابعة للمعارضة السورية في المدينة، والتي قالت إن وتيرة القصف قد توقفت طوال الليل، سواء الجوي أو المدفعي، لكن أصوات اشتباكات بالأسلحة الخفيفة مازلت تُسمع في المدينة.
وبرر لافروف توقف العمليات بأسباب إنسانية لها علاقة بإخراج المدنيين من المدينة، وقال إن “عملية كبيرة جديدة تجري لإجلاء المدنيين من شرق حلب”، وأن “هناك قافلة تضم 8 آلاف شخص، وطريق سيرها 5 كيلومترات”، دون أن يُعي مزيداً من التفاصيل، مُحيلاً الأمر إلى ممثلي روسيا في دمشق ليدلوا بدلوهم.
وأضاف “تم التوصل إلى اتفاق لعقد لقاء السبت في جنيف بين خبرائنا العسكريين والدبلوماسيين لإنهاء العمل الذي يحدد طرق وأساليب إنهاء مشكلة شرق حلب عن طريق خروج جميع المسلحين والمدنيين الراغبين من حلب. جميع التفاصيل ستبحث يوم السبت في جنيف”، وهو يقصد أنها ستُبحث مع الجانب الأمريكي.
وكان مصدر دبلوماسي أوربي قد أكّد لوكالة (آكي) الإيطالية للأنباء في 1 كانون الأول/ ديسمبر الجاري أن روسيا “لا تريد سقوط مدينة حلب في الوقت الراهن”، بل إنها “ستعمل على كبح جماح قوات النظام السوري والميليشيات السورية وغير السورية الرديفة لها”، دون أن يعني هذا هدنة أو توقفاً عن القتال بشكل نهائي أو طويل الأمد.
وقالت المصادر إن روسيا “تُدرك أن النظام السوري لا يملك القوات العسكرية البرية الكافية لدخول الأحياء الشرقية من حلب والسيطرة عليها، وهي على يقين بأن سقوط شرقي حلب وخسارة المعارضة المسلحة فيها سيفسح المجال واسعًا للميليشيات الإيرانية والتابعة لها لتقتحم المدينة وتُهمين عليها، وهذا ما ترفضه روسيا، التي لا تريد أن تكون جندياً عند إيران” وفق تعبيره.
وحول مواصلة روسيا قصف المدينة على الرغم من تقدّم قوات النظام والميليشيات الرديفة لها والموالية لإيران خلال الأسبوع الأخير، وتمكنها من السيطرة على أحياء في المدينة القديمة، قالت المصادر “لم تُعلن روسيا وقف العمليات حتى اليوم رغبة منها بأن تُبقي الضغط على الأمريكيين للحظة الأخيرة، لكنها اضطرت للتوقف لأن الأوضاع البرية أوشكت أن تخرج من سيطرتها، وهي قررت إعلان موقفها في الربع ساعة الأخيرة”.
وكانت روسيا قد أعلنت مطلع الشهر الماضي عن استثناء مدينة حلب من عمليات القصف الواسعة التي كانت تقوم بها، ثم قررت التفاوض مع المعارضة المسلحة في المدينة حول خطة تركية للهدنة، ودرس مسؤولون روس مع مسؤولون أتراك إمكانية التراجع عن موضوع اقتحام حلب، وتسليم إدارتها للمعارضة، مقابل إقناع الفصائل في حلب أن تُخرج جبهة النصرة منها، وهو الاقتراح الذي رفضه النظام السوري فورًا تماشيًا مع الرغبة الإيرانية.
وبالتزامن أعلنت إيران عن استعدادها لإرسال نحو مائة ألف من قوات “الباسيج” إلى سورية، وقالت إنهم ينتظرون توجيهات المرشد الأعلى علي خامنئي.
وتؤكد المعارضة السورية إحصاء 66 ميليشيا طائفية موالية لإيران تُقاتل في سورية، ويُقدّر عدد مقاتلي المليشيات العراقية بنحو 20 ألف مقاتل، ومقاتلي (حزب الله) اللبناني 10 آلاف مقاتل، فضلاً عن عدد غير محدد من المقاتلين الإيرانيين والأفغان والباكستانيين.
ولا تثق فصائل المعارضة السورية في حلب بالإعلان الروسي، وقال ناطقون رسميون باسم هذه الفصائل إن الوقائع العسكرية على الأرض “هي التي ستُثبت صدق أم كذب الادعاء الروسي”.